جان أفندي
صاحبنا حَنَّا شَابٌّ انسلخ من جميع معاني محيطه، فأصبح كاللفظة الجوفاء، هو ابن بَنَّاء قضى عمره يشنُّ على الصخور حربًا ضارية، لا تَشَفِّيًا وانتقامًا من تلك المخلوقات الخرساء، بل طلبًا للرزق عن طريق التعمير والتجديد، فكم من بيت بانَ العيبُ فيه فجاءه أبو حنا بمِلطاسه وبيكه ودردبيكه فهدمه، وهذَّب حجارته ونظمها صفوفًا يتمنى الطغاة أن تكون جيوشهم مرصوصةً مثلها.
لو كانت حياة الإنسان خطًّا مستقيمًا، لكانت الولادة هي النقطة التي يبدأ منها هذا الخط، وكان الممات هو النقطة التي ينتهي إليها آخِره، وما بينهما هي الحكايات التي يحياها والوجوه التي يلتقيها. ولكن يا تُرَى أيَّ الحكايات يختار الإنسان ليحكي؟ وأيَّ الوجوه ينتقي ليتحدث عنها؟