الثلاثة مجانين
لما تمكَّن منه الغرور، واحتاج الجنونُ كما يحتاج الجمالُ إلى كبريائه إذا حاطتْه الأعين — أدار بصره في المكان، ثم قال: أفٍّ لكم ولما تصبرون عليه من هذا النديِّ في ضوضائه ورِعاعه وغَوغائه. إن هذا كله خيالُ حقيقةٍ في رأسي. ما هي؟ ما هي؟
يرسم مصطفى صادق الرافعي كتابه هذا بريشة الفنان، ويُزيِّن معانيَه بحُلِيِّ البيان، ويلوِّنه بحسن الإيمان، فتتداخل الحدود بين العالم المادي وعالم الإنسان، فلا يدري القارئ أحقيقةٌ ما يقرؤه في هذا الكتاب أم خيال؟! أعقلٌ هو أم جنون؟! حقًّا، لقد أفاد الرافعي بما فاض به خاطرُه، وجاد به فكرُه، وسال به قلمه، فسطَّر مجموعةً رائعة من النثريات، تباينتْ بين فصولٍ ومقالاتٍ وقصص عن مواضيع متنوِّعة، كتبها في ظروفٍ مختلفة وأوقاتٍ متفاوتة، فأخرج لنا في النهاية تحفةً أدبيةً استحقَّتْ أن تُسمَّى بحقٍّ «وَحْي القَلَم».